رئيس الجمهورية يدعو العمد إلى تجسيد قيم الجمهورية والإسهام الفعال في التحول التنموي والمجتمعي المراد تحقيقه

أكد فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، خلال كلمته الافتتاحية للمؤتمر العادي الثامن لرابطة العمد الموريتانيين المنظم صباح اليوم بقصر المؤتمرات تحت شعار “اللامركزية رافعة للتنمية المحلية”، أنه حرص على الإشراف على انطلاقة المؤتمر، لقناعته بمحورية الدور الذي يؤديه العمد والمجالس البلدية في تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للامركزية.

وقال فخامته إن المواطن، الذي هو غاية كل التدابير الإنمائية، لا يمكن حل مشاكله وتعزيز دوره في بناء التنمية، تصورا وتنفيذا، إلا بإشراكه في تسيير تنميته المحلية.

وطالب العمد بالعمل في دوائرهم الانتخابية على تجسيد قيم الجمهورية، والإسهام الفعال في التحول التنموي والمجتمعي المراد تحقيقه، وأن تكون ممارساتهم نقية من شوائب العقليات الاجتماعية البائدة.

وفيما يلي نص كلمة فخامة رئيس الجمهورية:

“بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين،

معالي الوزير الأول،

السيد رئيس الجمعية الوطنية،

السيد رئيس المجلس الدستوري،

السيد زعيم المعارضة الديمقراطية،

السادة الوزراء،

السادة رؤساء الهيئات العسكرية والأمنية،

أصحاب السعادة السفراء وممثلو البعثات الدبلوماسية،

السادة والسيدات ممثلو المنظمات الدولية المعتمدون في بلادنا،

السادة العمد،

أيها الحضور الكريم،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

لقد حرصت أن أشرف شخصيا على انطلاق مؤتمركم هذا لقناعتي الراسخة بمحورية الدور الذي يؤديه العمد والمجالس البلدية في تنفيذ استراتيجيتنا الوطنية للامركزية.

ونحن نعتبر أن اللامركزية من حيث هي إصلاح مؤسسي للدولة بحكم ما تستلزمه من توزيع الصلاحيات بين المستوى المركزي ومختلف دوائر الحكامة المحلية، تعد من أبرز رهانات التنمية الشاملة المستديمة، ذلك أن المواطن الذي هو غاية كل التدابير الإنمائية، لا يمكن حل مشاكله وتعزيز دوره في بناء التنمية، تصورا وتنفيذا، انطلاقا من المستوى المركزي حصرا، بفعل ترامي أطراف وطننا وعشوائية التقري فيه غالبا.

ومعلوم أن إشراك المواطن في تسيير تنميته المحلية لمما تتوقف عليه نجاعة تنفيذ البرامج والمشاريع التنموية.

ولذا، وجهنا الحكومة بالتركيز على تنمية اللامركزية ودعم الحكامة المحلية، وقد أحرز في هذا السياق الكثير من النتائج المعتبرة كوضع استراتيجية وطنية للامركزية، وإنشاء مجلس أعلى للامركزية، وكالعمل الجاري حاليا على زيادة الدعم المالي للسلطات البلدية بالتوازي مع نقل الصلاحيات إليها تدريجيا.

وأود التأكيد هنا على أنه بقدر ما تنقل إليكم الصلاحيات تدريجيا، بالموازاة مع الموارد المالية المخصصة لممارستها، بقدر ما تزداد جسامة المسؤولية الملقاة على عواتقكم بخصوص تقريب الخدمة من المواطن بنحو سلس وشفاف والإسهام الفعال في التنمية المحلية.

ويتطلب منكم ذلك باستمرار تأهيل طواقمكم لتكون قادرة على التعامل مع ما يلازم هذه المسؤولية من تحديات كبيرة.

كما أن الصلاحيات التي يتم نقلها إليكم مناطة بالمجلس البلدي الذي يرأسه العمدة، فلا بد، إذن، من إشراك هذا المجلس في البرامج البلدية تصورا، وتخطيطا، وتنفيذا.

فمن أهم مقاصد اعتماد النسبية في الانتخابات البلدية توسيع دائرة التمثيل ليكون المجلس أكثر تعبيرا عن الإرادة المحلية في تنوعها.

ثم إن المجالس البلدية ركن أساس في منظومة الحكامة المحلية إلى جانب المجالس الجهوية والإدارة الإقليمية، وسيظل نجاح هذه المنظومة رهين بمستوى التشاور والتنسيق بين مختلف مكوناتها.

أيها السادة والسيدات،

يجب على العمد أن يعملوا في دوائرهم الانتخابية على تجسيد قيم الجمهورية، والإسهام الفعال في التحول التنموي والمجتمعي المراد تحقيقه.

فلا بد أن تكون ممارساتهم نقية من شوائب العقليات الاجتماعية البائدة، من طبقية وقبلية وفئوية ضيقة، مرسخة لقيم الجمهورية فيما تعنيه من مساواة من نفاذ إلى الحقوق دون اعتبار لما عدا المواطنة.

كما يتعين عليكم كذلك الإسهام في ترسيخ قيم الجمهورية هذه، بالتوجيه والتوعية، وفي هذا السياق فإنني أعول عليكم جميعا، في إنجاح مشروع المدرسة الجمهورية، لتمكين أبنائنا من الاستفادة، في ظروف متماثلة، من خدمة تعليمية ناجعة.

فالتعليم هو الذي يغرس في نفوس الناشئة، قيم المواطنة، والمدنية، وأهمية الوحدة الوطنية، ويهيئهم للاندماج السلس والفعال في الحياة الاجتماعية والمهنية.

لا بد لنا أن نضمن تعليما إبتدائيا موحدا يجمع كل أبنائنا في مدرسة واحدة في ظروف متماثلة، فذاك أساس التغلب بنحو مستديم على مختلف تحديات الوحدة الوطنية واللحمة الاجتماعية.

وإنني لأعول عليكم، كذلك، بشأن المساهمة في معالجة النزاعات العقارية على نحو لا يتعطل معه النفاذ إلى الموارد الطبيعية، ولا تتعرقل معه المشاريع التنموية، ولا تفوت به حقوق ذوي الملكية المستوفية الشروط.

وإدراكا مني لحجم المسؤولية الملقاة على عواتقكم فقد وجهت الدوائر المختصة بتحسين ظروفكم دعما لكم على أداء دوركم على الوجه المطلوب.

وإنني إذا أطلب منكم منح التوجيهات الآنفة كل العناية اللازمة، لأعلن على بركة الله افتتاح هذا الملتقى، راجيا لأعماله التوفيق والنجاح.

أشكركم والسلام عليكم ورحمة الله”.